أين الكنز

أين الكنز

فى يوماً من الأيام قال الأبن لأبيه أرئيت يا والدى الأرض التى نملكها على أطراف القرية فقال الأب ما لها يا بنى قال الأبن لقد ملئتها الناس بالقمامة يا والدى و هنا قاطعهم الجد قائلا:

يا بنى أن هذا الأرض مدفون بها كنز ثمين فنظرا الأبن و الحفيد إلى الجد بأستغراب شديد فنظر إليهم الجد نظرة تأكيد وقال نعم يا بنى هذا هو السر الذى كنت أخفيه عنك منذ فترة كبيرة، لقد قال لى أبى رحمة الله عليه أن بهذه الأرض كنز ثمين، فقال له الأبن ولما يا أبتى لم تستخرجه إلى الأن فقال الجد يا بنى عندما كنت صغيراً لم أستطع و أبى كان شيخاً طاعنً فى السن كما أنا الأن و عندما كنت فى شبابى أخذتنى الدنيا و ألهتنى حتى صرت كما ترى فلا أقوى على أستخراج هذا الكنز و كنت أنت صغيراً و خفت إن أستخرجته تسطوا عليه الناس، ولكن أنت الأن صرت رجل و أشتد عودك فآن الأوآن أن تستخرجه.

ولكن قبل أن تستخرجه هناك شروط قال لى والدى عليها يجب فعلها وإلا لن تستطيع أخراج الكنز.

فقال الأبن و الحفيد معاً: ما هى هذه الشروط يا أبتاه؟

فقال الجد:

أولاً: يجب تنظيف الأرض تماماً من كل القمامة التى عليها.

و بعد أن تنتهوا من هذا الشرط سوف أقول لكم على الشرط الذى يليه هذه وصية أبى يا بنى.

فقال الأبن من الغد إذا نبدأ يا والدى فقال الجد على بركة الله و مشيئته.

أستيقظ الجميع فى الصباح الباكر و تناولا أفطارهم بعد أن صلوا صلاة الصبح و توجها إلى الأرض و كانوا قد أستأجروا عربة لحمل القمامة إلى خارج القرية حيث مكان تجمع القمامة، و أستمر العمل من الصباح الباكر حتى غروب الشمس دون كلل أو ملل فى أمل العثور على الكنز.

ولكنهم رغم هذا العمل الدؤب لم يستطيعوا أن يرفعوا كل القمامة الموجودة على الأرض فقال الحفيد لأبيه يا أبتى لقد تعبنا و لكن لم نستطع رفع القمامة كاملة فقال الأب نعم يا بنى إنها كثيرة جدا فقال الجد إلى الغد إذا بمشيئة الله.

رجعت العائلة إلى المنزل منهكة القوى و لكن عزيمتها قوية لم تنهار أمام العمل الكثير و القمامة المتراكمة من سنوات، بعد أن تنظف الجميع و جلسوا جميعاً على طاولة الطعام قال الجد يا بنى عليك بالمثابرة و الصبر و الجد فأنهم من عزائم الرجال و لن ينال المرء ما يسعى إليه إلا بعزيمة قوية فكن يا و بنى من هؤلاء الرجال فقال الأبن أن شاء الله يا والدى أنصرف كلا منهم للنوم للأستعداد ليوماً شاق فى الغد بأذن الله.

فى الصباح الباكر كالعادة توجه الجميع إلى الأرض و بدأ العمل الشاق و رفع القمامة من الأرض فى مثابرة شديدة و عملا دؤب طوال اليوم حتى غربت شمس ذالك اليوم أيضاً ولكنهم لم ينتهى العمل بشكلاً كامل أى نعم أستطاعوا رفع القمامة من المكان و لكن بقى النذر القليل و لكنهم قد أصابهم التعب و الأعياء فقال الأبن لأبيه يا أبتى تعلم ما نحن عليه فهل نوجل العمل إلى الغد فقال الجد نعم يا بنى إذا كثر عليك العمل يجب عليك أن تقسمه على الأيام فلقد خلق الله الدنيا فى ستة أيام و كان سبحانه قادراً على أن يقول لها كن فتكون، لذا علينا الصبر إلى الغد بأذن الله.

فى اليوم الثالث توجه الجميع إلى أرض الكنز و قال الجد اليوم عملاً ليس بالثقيل و لكن فى غاية الأهمية فقال الحفيد كيف ذلك يا جدى فقال الجد يا صغيرى أن الأرض يجب أن تنظف جيداً من بواقى القمامة ثم تحرث جيداً و تترك لتهوية ثلاثة أيام و هذا هو الشرط الثانى الذى قال لى عليه والدى رحمة الله عليه فقال الأبن سمعاً وطاعة يا والدى.

فعل الأبن ما قال له عليه والده و أنتظرا ثلاثة أيام ثم سأل الأبن والده و ماذا بعد يا والدى حتى نستخرج الكنز؟

فقال الجد:

الشرط الثالث يا بنى هو تقسيم الأرض و زراعتها بأصناف البذور فتعجب الأبن و قال يا أبتى ظننت أنك تقول لى أحفر فى موضع كذا من الأرض بعمق كذا.... وهنا قاطعه والده و قال هذا الشرط الثالث يا بنى و عليك تنفيذ ما أقول حتى تنفذ وصية جدك و نستطيع أخراج الكنز فقال حاضر يا والدى لنرى...

توجه ثلاثتهم إلى الأرض و أخذ الأبن و الحفيد فى العمل و تقسيم الأرض ووضع أصناف البذور بها و سقيها، وقال الأبن هكذا فعلت يا والدى فمتى تخرج الكنز.

قال الجد:

لن نستطيع أستخراج الكنز قبل ستة أشهر يا بنى فكن صبوراً فأن الكنز ثمين و لن تنال الأجر إلا بالصبر فتعجب الأبن و الحفيد من الجد، و لكنهم ألتزموا الصمت.

مرت الأيام و الجميع ينتظر مرورها حتى يستخرجا كنزهم و يكونوا قد نالوا أجر عملهم الشاق.

و فى اليوم الموعود قال الأبن للجد يا أبتى لقد مرت الستة شهور و قد أستوت الزروع التى قد زرعناها بالأرض فقال الجد عليك أن تحرقها يا بنى فتعجب !! الأبن بشدة و قال لما يا أبتى و صاح الحفيد كيف تقول ذلك يا جدى؟ و نحن قد بذلنا مجهوداً كبير و أستطعنا تطهير الارض و حرثها وزراعتها فلما نحرق المحصول؟ أليس من الأجدر بنا أن نقوم ببيعه فقال الجد هذا شرط أستخراج الكنز!!

فقال الحفيد الصغير لا نحتاج الكنز هذا يا جدى إنما نحتاج المحصول الذى تعبنا حتى خرج من الارض و قال الأبن نعم يا والدى .

فضحك الجد و قال:

هذا ما أردت يا أولادى أن يصل إلى فهمكم و إدراككم أن الكنز الحقيقى هو الأصرار على تحويل القبح إلى الجمال هل تتذكرون كيف كانت الأرض؟ لقد كانت تملئها القمامة و بفضل الله و بفضل مجهودكم الكبير و المثابرة على العمل و الأصرار أستطعتم أن تحولوا الأرض إلى كنز حقيقى سيبقى معكم مدى الحياة فهل علمتم أين الكنز .

الكلمات المفتاحية أين الكنز

مقالات مشابهه

من قسم آخر


التعليقات

ضعي تعليقَكِ هنا

التقيمات

راديو القمة

radio

الأكثر قراءة

فيس بوك

a
;